القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

الإسلام في الصين والإنتشار الواسع

الإسلام في الصين والإنتشار الواسع



 الإسلام في الصين والإنتشار الواسع




مترجمة بقلم حضرة الفاضل صاحب الإمضاء



جاء في جريدة الكرسنت الإسلامية التي تصدر في لفربول بالإنكليزية تحتهذا العنوان ما نصه:


لقد نشرنا قبل الآن التقارير التي وضعها اثنان من رصفائنا عن انتشارالإسلام وتقدمه في بلاد الصين، وهذان الاثنان هما الأستاذ فيوسلوف، والمسترتيرسنت.

أما الأول فيقول: إن الإسلام سائر بسرعة عظيمة في سبيل التقدم والنجاح،
وإن الصينيين يحبونه حبًّا كثيرًا، ويميلون إلى أهله ميلاً كبيرًا، وإن كثيرًا منهم
يتسابق إلى التدين به.

ويقول أيضًا: وفوق ذلك، فإن من يمعن النظر في تقدم الدين الإسلامي
الحاضر يرى أنه ليس من المستحيل أن جميع أهل الصين ربما يتدينون بالإسلام،
ويصير هذا الدين أخيرًا الدين الرسمي لبلادهم. وإذا استمر الإسلام في تقدمه
الحاضر وانتشاره السريع وازداد عدد الداخلين فيه إلى أن تصير الصين بحذافيرها
بلادًا إسلامية وجزءًا من العالم الإسلامي، فإنه من المحقق أنه يخشى على
النصرانية؛ لأنها تعدم وسائل التقدم في تلك الأصقاع؛ لأن رسوخ الإسلام في بلاد
الصين يفقدها كل سلطة فيها.

أما الكاتب الثاني: فإنه قد اتفق مع الأول لكنه زاد في قوله بأنه منذ شرع
الصينيون ينتحلون الدين الإسلامي بكثرة هائلة تزايدت عداوة الروسيين للإسلام في
الشرق، فإنه لا يروق في أعينهم أن يروا الصينيين يدخلون في دين الإسلام أفواجًا؛
لأن انتشار الإسلام بهذه السرعة مما يضاد أغراضهم السياسية، ولذلك لا يفترون
عن إيجاد القلاقل في آسيا الوسطى، وفي قلب المملكة الصينية، لكن عناية القادر
قدَّرت أن ينتشر الإسلام في مقاطعات تبلغ مساحتها سبعة آلاف ميل مربع تقريبًا.




الإسلام في الصين والإنتشار الواسع




ودخول الإسلام في الصين كان بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم وعلى آله
وأصحابه - بزمن قصير، فكان أول بزوغ شمسه فيها في عهد الخلفاء، والتاريخ
ينبئ بأنه كانت بين العرب والصينيين علاقات تجارية في عهد الخليفة الأول من
الخلفاء الراشدين، وأوضح أيضًا التاريخ الإسلامي أن أحد الصحابة رحل إلى
الصين بتجارة طائلة مع جماعة من قومه، وكانوا يحملون معهم سلعًا تجارية وكتاب
نبيهم المقدس، ونعني به القرآن، وقد قام هو وجماعته بالدعوة إلى الإسلام، فلم
يلتفت إليه أحد ويترك دين الوثنية، فذهب الصحابي وجماعته إلى مقاطعة كانتون
واستعمروا فيها، وأخيرًا أتيح له النجاح وأسلم على يديه الجم الغفير من أهالي هذه
الجهة، وابتنى فيها جامعًا. وقد منحت المملكة الصينية امتيازات كثيرة للعرب،
واختلط الصينيون بهم وتشبهوا بآدابهم وأخلاقهم خصوصًا وأن مكارم الأخلاق
وحسن المعاشرة والآداب التي اختص بها هؤلاء الغرباء جذبت إليهم قلوب الصينيين
فدخلوا في دينهم وازدادت محبة أهل الصين للدين الإسلامي بثبات أهله على
الاستقامة وحسن السلوك، وبالتدريج أصبح الفريقان أصدقاء، وتزوج كل فريق من
الآخر وهو ما قوى الرابطة بينهم.



وبمرور الزمن أصبح العرب مساوين للصينيين من كل الوجوه، وأصبح
الصينيون مسلمين، وعلى هذا فقد العرب شيئًا من عاداتهم الأصلية، وفقد
الصينيون دينهم القديم. وتوجد أسباب أخرى انتشر بها الإسلام هذا الانتشار السريع،
وهي أن الأغنياء من المسلمين يشترون أولاد الوثنيين وبناتهم ويربونهم بمعرفتهم،
وهم فوق ذلك يتصدقون على الفقير ويطعمونه، ويكسون العريان، ويساعدون
المحتاج، ويشفقون على المريض، وكانوا لا يتأخرون عن تشييع جنازات الوثنيين،
فبهذه الخطة التي اتبعها العرب جذبوا إليهم عقول الصينيين وقلوبهم، ونما بذلك
دين الإسلام بقوة في المملكة الصينية.


ومما يناسب ذكره في هذا المقام أنك لا تجد فرقًا عظيمًا بين المسلمين في الهند
والمسلمين في الصين، فكلاهما يتبعان كتابًا سماويًّا واحدًا هو القرآن الكريم،
فتراهم متشابهين في الأخلاق والعادات والآداب، إلا أنهم يختلفون في أمر واحد
وهو الزواج، فالصيني لا يتزوج بأكثر من واحدة، والهندي يميل إلى تعدد
الزوجات، وهم في ذلك لم يخرجوا عن أصول الإسلام وأوامر القرآن؛ لأنه مباح
للمسلم أن يتزوج بأربع نساء إن استطاع مرضاتهن جميعًا، والمسلم الصيني لا ينكر
حقيقة هذه الإباحة، لكنه لا يحب تعدد الزوجات، وسبب ذلك ناشئ من معاشرة
المسلمين للصينيين الوثنيين الذين لا يستحسنون تعدد الزوجات طبقا لعاداتهم.


ومن أهم دواعي حب الصينيين للمسلمين أن هؤلاء المسلمين لم يخرجوا عن
طاعة أولياء أمورهم، ونحن لا نستطيع أن نصف المسلمين بالخيانة لرؤسائهم،
سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، بل نقول: إنهم مطيعون للرؤساء من أي دين،
سواء كانوا في أوطانهم أو في أي بلاد يذهبون إليها ويختلطون بأهلها، فهم قوم
مطيعون لكل حاكم - عادلاً كان أو ظالمًا شفوقا أو قاسيًا مسلمًا أو غير مسلم - لأنهم
مكلفون بذلك طبقًا لأصول الدين الإسلامي، لذلك تجد المسلمين دائمًا يطيعون أولياء
أمورهم، ويظهرون الولاء لهم، ويكرهون كل مشاغبة؛ لأن قلب الحكومات لا
يروق في أعينهم، هذه هي أكبر الدواعي وأهمها التي جعلت الصينيين يميلون
بكليتهم إلى المسلمين اهـ.



مصر في 16 أغسطس سنة 1896





..... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد ضيا

تعليقات