القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

16. شكراً لكم أيها الشعب - تأملات في السعادة والإيجابية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تأملات في السعادة والإيجابية

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم






16. شكراً لكم

أيها الشعب


عنوان هذا الفصل ليس من كلامي، بل هو من كلام المؤسسين، طيب الله ثراه، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كانت هذه كلمته الرئيسية عندما يلتقي جمعاً من الناس في محفل عام ولعل البعض سمعها عبر التلفاز مرات عديدة، "شكراً لكم أيها الشعب".


كان الشيخ زايد، رحمه الله، في الحقيقة هو من يستحق الشكر الجزيل لأنه سخر حياته لتأسيس دولة الاتحاد وتغيير حياة شعب كامل من ظروف قاسية وشديدة إلى حياة الرخاء والرفاهية خلال سنوات معدودة، ولكنه كان، رحمه الله، هو من يشكر الناس، وقبل ذلك كان دائماً ما يردد أننا لا بد أن نحمد الله ونشكره دائماً على نعمه وفضله علينا، وأن نؤدي حق الله فيها للحفاظ عليها.


                لماذا كان الشيخ زايد يشكر الشعب في كل مناسبة؟ لا أعرف الإجابة تحديداً، ولكن ما أعرفه أن الشكر والقيادة شيئان متلازمان، لا يوجد قائد لا يشكر الناس، ولا يجوز أن يكون قائداً من لا يشكر فريق عمله، و(لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، كما جاء في الحديث الشريف.


الشكر صفة أصيلة، ووصفة أساسية لتحقيق الرضا والسعادة، بل إن بعض الأبحاث الطبية أشارت إلى علاقة الشكر بتحفيز الطاقة الإيجابية للدماغ، ما يساعد الإنسان على الإبداع وعلى مزيد من الإنجاز، بالإضافة لتأثيرها في قوة مناعة الجسم، ولكن ما يهمني في هذا الفصل هو تطبيق مفهوم الشكر الإيجابي في بيئة العمل، وتعزيز التأثيرات الإيجابية لهذا المفهوم في المجتمعات والدول.


أولاً: لا بد من تغيير نظرتنا لموضوع الشكر في مؤسساتنا الإيجابية كما عرفناها هي في تغيير نظرتنا لكثير من الأمور والمفاهيم حولنا، الشكر ليس مسألة شخصية تتعلق بطبائع المسؤول وأخلاقه، بل لا بد أن تكون عملية مؤسسية واضحة، لها أدواتها ومقاييسها ومواردها ومواعيدها وفرق قائمة عليها.



                نستحدث بشكل مستمر أدوات ووسائل لشكر فرق عملنا كالجوائز والأوسمة والزيارات الشخصية لفرق العمل المنجزة، والتنويه الإعلامي بإنجازاتهم أمام المجتمع. كما أن من أدوات الشكر أيضاً منح الثقة والصلاحيات للموظفين، بالإضافة للترقيات وغيرها من المكافآت.


القائد الذي لا يمارس الشكر، هو قائد فقد الثقة بنفسه، لأن الشكر يتطلب شجاعة وقوة وثقة عالية. لا بد أن نتذكر دائماً أننا عندما لا نشكر أعضاء فرق العمل فإننا نرسل لهم رسالة واضحة نضمن من خلالها بأن إنجازهم القادم سيكون أقل من الحالي.


                ثانياً: القائد الإيجابي والناجح يشعر بالشكر والامتنان تجاه كل ما يمر به: يبدأ يومه وحياته بشكر الله، يبدأ صلاته بحمد الله، ومع كل لقمة أو شربة ماء يشكر الله، ومع إشراقة كل يوم يجدد شكره لله ولكل ما حوله، نشكر كل شيء، نشكر التجارب التي مررنا بها، نشكر التحديات التي تعلمنا منها، نشكر الظروف التي صنعتنا. نشكر الماضي الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه، ونشكر الحاضر على السعادة التي نشعر بها، ونشكر المستقبل لأنه يعطينا دافعاً للاستيقاظ كل صباح ونفوسنا مليئة بالتطلع والطموح والاندفاع والإبحار في آفاقه الروحية.



الشكر يفتح عيوننا على الكثير من الحقائق، ويجعلنا أقرب لإدراك الواقع ويعطينا دافعاً كبيراً للاستمرار بكل قوة.


القائد الشكور يرى الأمور على حقيقتها لأنه قائد غير مغرور، وهو قائد قوي لأنه يستطيع التحكم بمشاعر النجاح في وقت الإنجاز، ولا تعميه تلك المشاعر عن رؤية الأمور على حقيقتها، أو من رؤية فضل الآخرين وجهدهم في تلك الإنجازات، وكلما ازددت شكراً لمن حولك، ارتفع في نفوسهم قدرك ومكانتك.


ثالثاً: من المهم جداً تعميق مفهوم الشكر في الحياة الشخصية لفريق العمل الذي نعمل معه، عندما يتحلى كل أعضاء الفريق بهذه الصفة فتأكد أن طاقاتهم وإنجازاتهم ستكون أكبر بكثير.


في كل صباح تنفس بعمق، واشكر الله على هذا اليوم الجديد، والهدية الجديدة، واستمتع بالحياة دائماً، قل شكراً، قلها لربك قلها لنفسك قلها لجميع من حولك، لا بد أن يتجدد شكرنا مع إشراقة كل يوم لأن كل يوم هو هدية جديدة تستحق الشكر. في كثير من الأحيان، ننسى النعم التي نحن فيها، لأننا مشغولون بالنظر للنعم التي عند غيرنا.

وأخيراً أقول، لا بد أن يكون الشعب أيضا ًشكوراً، شكوراً لربه ولنعم الله عليه وفضله، شكوراً لظروفه، وشكوراً لنفسه وأيضاً شكوراً لقائده.


عندما تسود علاقة شكر متبادلة بين القيادة والشعب، تسود في المجتمع روح الخير والإيجابية والتماسك، والنتيجة تحقيق المزيد من الاستقرار والإنجاز والتفوق للجميع.

(نشكر التحديات التي تعلمنا منها. نشكر الظروف التي صنعتنا. ونشكر الماضي الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه).

(لا يوجد قائد لا يشكر الناس، ولا يجوز أن يكون قائداً من لا يشكر فريق عمله).

(عندما يسود الشكر بين القيادة والشعب، تسود في المجتمع روح الخير والإيجابية والتماسك).

تعليقات