القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

ما أهمية علم غريب الحديث والأثر ؟ بحث شامل




المطلب الأول : أهمية غريب الحديث
يعتبر هذا الفن من العلوم التي يحتاج اليها في معرفة معاني الاحاديث حيث يترتب عليه الحكم على المتن من جهة ، وهو صورة من صور شرح الحديث ،فيحتاج الى علم واسع لهذا الفن مع التحري والدقة .


يقول ابن الصلاح في مقدمته " هذا فن يقبح جهله باهل الحديث خاصة ثم باهل العلم عامة ،والخوض فيه ليس بالهين ،والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوخي. وروينا عن الميموني قال : سئل احمد ابن حنبل عن حرف من غريب الحديث ،فقال سلوا أصحاب الغريب فاني اكره ان أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن فأخطئ. "([1])


وقال الحاكم " وهذا علم قد تكلم فيه جماعة من اتباع التابعين منهم مالك والثوري وشعبة فمن بعدهم "([2])


 وذهب العز ابن عبد السلام في أواخر القواعد الى ان شرح الغريب واجب  فقال في تقسيمه المشهور للبدع البدعة خمسة اقسام  فالواجبة  كالاشتغال بالنحو الذي يفهم كلام الله ورسوله لان حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى الا بدالك فيكون من مقدمة الواجب و كذا شرح الغريب  وتدوين أصول الفقه والتوصل الى تمييز الصحيح والسقيم )([3])



 ويشير الحافظ ابن حجر الى وجه الحاجة  لشرح الغريب فيقول " ولا يجوز تعمد تغيير المتن بالنقص والمرادف الا لعالم بما يحيل المعاني فان خفى المعنى احتيج الى شرح الغريب وبيان المشكل منه "([4])


 ثم يشرح الحافظ ذلك بقوله " ( فان خفي المعنى ) بان كان اللفظ مستعملا بقلة ( احتيج الى ) كتب المصنفة في ( شرح الغريب ) ككتاب ابي عبيد القاسم بن سلام وهو غير مرتب ، وقد رتبه وقد رتبه الشيخ موفق الدين ابن قدامة  على الحروف  واجمع منه كتاب ابي عبيد الهروي وقد اعتنى به الحافظ ابو موسى المدين فنقب عليه واستدرك  ...).


ويؤكد المام النووي رحمه الله تعالى على صعوبة هذا الفن  فيقول: "  وهو فن مهم والخوض فيه صعب فليتحر خائضه وكان السلف يتثبتون فيه اشد التثبت"([5])                                                           

                                                                
قال السيوطي :" قد روينا عن احمد انه سئل منه فقال : سلو أصحاب الغريب فاني اكره ان أتكلم في قول الرسول صلى الله عليه وسلم بالظن "([6])


وسئل الاصمعي عن معنى حديث ( الجار احق بسقبه ) فقال انا لا افسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم ان السقب اللزيق"


والى مثل هذا ذهب  الشيخ احمد الشاكر في تعليقه على الفية السيوطي فقال: هذا الفن من اهم فنون الحديث واللغة ، ويجب على طالب الحديث اتقانه والخوض فيه صعب ، والاحتياط في تفسير الألفاظ النبوية واجب، فلا يقدمن عليه احد برايه ... ثم ان من اهم ما يلحق بهذا النوع البحث في المجازات التي جاءت في الاحاديث ، اذ هي عن افصح العرب صلى الله عليه وسلم ولا يتحقق في معناها الا أئمة البلاغة ومن خير ما الف فيها كتاب المجازات النبوية تأليف الامام العالم الشاعر الشريف الرضى "([7])



والحق مع الائمة حينما اوجبوا شرح الغريب، اذ هو فن من اهم الفنون واصعبها فهو يجمع ما بين علم الرواية  وقواعد ضبط الالفاظ وما بين علم  الفاظ الحديث ورواياته بما يعين على فهم اللفظة الغريبة الواقعة في احد الروايات ، كما انه يجمع علوم العربية نحوها وصرفها  وبلاغتها  وغير ذالك ، ولهذا تجد انه لم يقدم على شرح غريب الحديث في العلماء المتقدمين الذين افتتحوا  هذا الفن الا من  بلغ رتبة الاجتهاد كالحربي وابي عبيد ابن القاسم بن سلام وابن قتيبة و الخطابي وابن الجوزي ، فان هؤلاء وغيرهم جميعا اخذوا بأكبر الحظ من علوم الرواية والدراية ورحلوا وسمعوا ورووا وفقهوا ، مما  يسر لهم الامر على من اتى بعدهم ممن جمع كلامهم وهذبه كابن الاثير في نهايته والسيوطي في مختصره والزمخشري في الفائق ولا يخفى قدر الزمخشري في اللغة وان كان لم يخل كتابه من اعتزال شانه في عامة المصنفات الأخرى.([8]) 


المطلب الثاني  : ثمرته
ان من اهم فوائد معرفة الغريب هو الوقوف على تفسير الحديث وتحديد مراد المصطفى عليه الصلاة والسلام
وهذا يستتبع العلم بمراده بشكل علمي صحيح ، لذلك يتسم  هذا الفن بما يمتاز به فقه الحديث من أهمية بالغة باعتباره النتيجة النهائية لكل أنواع علوم الحديث الكثيرة ومعارفه المتنوعة ، وقد مر بانه من المهمات المتعلقة بفهم الحديث والعلم  والعمل به.([9])
ثانيا : الوقاية من التصحيف والتحريف : فان اللفظ الغريب لعدم الانس به ولعدم استعماله بين العامة فهو معرض للتصحيف والتحريف بنحو اكثر لأنه بذلك يكون ابعد من القياس لعدم الانس به
وقد وقع فعلا في كلمة الدخ التي وقعت في رواية الصحاح ([10]) بينما نقلت بلفظ الزخ وذلك في حديث ابن صياد الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم  " قد خبأت لك خبئة " فقال : هو الدخ
وبلفظ الدخ نقله البخاري والاكثرون وقالو في معناه : أراد الدخان فان النبي صلى الله عليه وسلم خبأ له ما نزل من سورة الدخان لكن بعضهم ومنهم الحاكم النيسابوري ذكره بلفظ الزخ
  وروى في معناه قوله حدثنا المكي بن بندرار الزنجاني  ، عن بعض مشايخه عن ابي العيناء ، قال : حدثنا الاصمعي عن ابي عمرو ابن العلاء عن ابيه عن جده قال سمعت عليا يقول
                طوبى لمن كانت له مزخه      يزخها ثم ينام الفخه ([11])
فتازخ في كلام ابن صياد هو : الجماع ، وقد استنكر جمع لهذا المعنى لبشاعته في جواب النبي صلى الله عليه وسلم  وأقول انما ورد في كلام ابن صياد ، فلماذا يستبعد منه ان يأتي بذلك المعنى المستهجن ؟ ولذالك رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " اخسأ"
ثالثا : من فوائد الغريب هو تحقيق الأغراض المتصورة من استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم للغريب في ما صح من احاديثه .


المصادر والمراجع :


 مقدمة ابن  الصلاح ص 458  دار المعارف مصر  ط 2([1])
 معرفة علوم الحديث لمحمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ([2])
 فتح الباري ج 13 ص254([3])
  نخبة الفكر للحافظ ابن حجر  ص48 المكتبة العلمية بالمدينة المنورة ص3([4])
 التقريب والتيسر للامام النووي ص77 ط مؤسسة الكتب الثقافية ([5])
  تقريب الراوي في شرح تقريب النووي لجلال الدين السيوطي ص 185 ج2([6])
  الفية السيوطي  ومعه تحقيق الشيخ احمد شاكر ص201- 202  دار المعرفة ([7])
  ينظر فتح المغيث للسخاوي ص 45 ج 3 والرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة لمحمد بن جعفر  الكتاني ص 154-158([8])
  الباعث الحثيث ص462([9])
  تدريب الراوي للسيوطي ص109 ج 2([10])
 معرفة علوم الحديث  للحاكم ص 91([11])

إليكم روابط صفحات هذه السلسلة :



Said Eljamali ☑️
Said Eljamali ☑️
متخصص في التسويق الإلكتروني، صناعة المحتوى المرئي والمكتوب، مدرب في مجال التصميم و التصوير و تحرير الفيديو، خريج جامعة الحسن الثاني، حاصل على شهادات من مراكز التدريب ISLI و Google وYoutube وEdraak، مؤسس أزيد من 4 قنوات يوتيوب ومواقع منذ سنة 2013، ويقدم خدماته عبر الإنترنت.

تعليقات