هل توجد حقيقة، ثقافتان: ثقافة علمية وثقافة لا علمية؟- من كتاب العلم والمشتغلون بالبحث العلمي في المجتمع الحديث(مترجم)الفصل1
الفصل الأول : البحث العلمي في المنظور المعاصر
هل توجد حقيقةً، ثقافتان ثقافةٌ علمية وثقافةٌ لا علمية؟ |
هل توجد حقيقة، ثقافتان: ثقافة علمية وثقافة لا علمية؟
من الجهل وعدم الاتصال بين العلماء وغير العلماء.
ولكننا نجد أن ظاهرة »مناهضة العلم « ذات دلالة أوسع وأكثر ثباتا من ذلك، وينبغي أن ينظر إلى ما يمكن أن تعيه من عواقب سيئة على المستويين الفلسفي والفكري في محيط أوسع. فهذه الظاهرة إنما ترجع إلى إخفاق العلماء والباحثين عامة لفترة طويلة من الزمن في الاتصال بعامة الجمهور بشأن أنشطتهم. وربما كانت السرية المضروبة حول مشروعات البحوث العسكرية التي أدت إلى نقص مزمن في فهم الجمهور، ونقص في التغذية الارتدادية من الجمهور أحد أسباب تعطيل الاتصال بين الطرفين.
ولكن يصعب اعتبار هذا السبب في حد ذاته عذرا كافيا في هذا الصدد.
هل توجد حقيقةً، ثقافتان ثقافةٌ علمية وثقافةٌ لا علمية؟ |
ومن المحتمل أن يكون التباعد بين العلماء وغير العلماء، وهو السمة المميزة لمفهومة الثقافتين، أمرا مبالغا فيه من حيث مداه وأهميته. غير أن كل ما حققه هذا المفهوم هو أنه أعطى صورة واضحة عن المواقف المتعارضة والمستمرة بين العلماء وغير العلماء فيما يختص بطبيعة المعرفة واليقين، وبالمنهجيات اﻟﻤﺨتلفة لكسب معرفة جديدة، وفهم أسرار الكون.
هل توجد حقيقةً، ثقافتان ثقافةٌ علمية وثقافةٌ لا علمية؟ |
وعلى أي حال فالانفصام الذي تدعيه فكرة الثقافتين يحتاج إلى أنينظر إليه على ضؤ الخلفية الاجتماعية التي نشأ فيها، فمن الناحية التاريخية كان العلماء والتكنولوجيان والباحثون في المملكة المتحدة الذين كانوا يكسبون قوت حياتهم من أعمالهم (بخلاف الهواة الأثرياء، أو محبي العلوم) يعتبرون إلى حد كبير من جانب القطاعات صاحبة النفوذ في اﻟﻤﺠتمع أنهم أصحاب حرف، لا أصحاب مهن، وعلاوة على ذلك كان هناك اتجاه في تلك الدولة إلى اعتبار العلم والتكنولوجيا مسؤولين عن كل الأمراض الاجتماعية التي نتجت عن الثورة الصناعية، وعن إضعاف الإ بيان الديني نتيجة التفسير الميكانيكي للكون في القرن التاسع عشر.
وخلاصة القول إن مفهوم الثقافتين بكل انعكاساته من الشك السائد، أو حتى العداء بين العلماء وعامة الجمهور، يجب أن ينظر إليه كدعوة إلى رد الاعتبار الاجتماع للباحث العلمي في ظروف ثقافية واجتماعية وتاريخية معينة، لا على أنه تحليل علمي قابل للتطبيق تطبيقا شاملا على العلاقة بين العلم واﻟﻤﺠتمع، بل إنه وجد في كل الأزمان، وفي جميع مناطق العالم، علماء على جانب كبير من الإنسانية، والحساسية المرهفة للقوى، والحس الروحي. وكانوا قادرين على حفظ الروابط بين الأوساط العلمية، والأوساط المهتمة بالفنون، وعلى وجه أعم بين العلم واﻟﻤﺠتمع ككل.
هل توجد حقيقةً، ثقافتان ثقافةٌ علمية وثقافةٌ لا علمية؟ |
ظهرت في أوربا قرب نهاية القرن الثامن عشر، وبازدياد خلال القرن التاسع عشر، جنبا إلى جنب مع الثورة الصناعية، حاجة جماهيرية إلى طلب معرفة أكبر عن كل ماهو ميكانيكي وعلمي. لذا أصبح ينظر إلى العلم كعمل ذي شان هام ومفيد رغم ما ينطوي عليه من أهوال اجتماعية، وبيئية، واستجابة لهذا المطلب بدأ تأسيس الكثير من الجمعيات المحلية لتقدم المعرفة ، على هيئة »جمعيات أدبية وفلسفية « في غالب الأحيان، وإن كانت تستهدف كل حقول المعرفة، ويوحي طول عمرها أنها كانت في جملتها جمعيات ناجحة.
وكما كان توقيت وقوة الثورة الصناعية في دول أوروبا الأخرى، وأمريكا الشمالية قد اختلف عنهما في المملكة المتحدة، كذلك كان اختلاف استجابة الجمهور في هذه الدول تجاه طلب المعرفة العلمية الجديدة، وتجاه القائمين على توفيرها وتطبيقاتها. ففي فرنسا مثلا من خلال المدرسة الفنية »البوليتكنك « وفي المانيا بصفة خاصة عن طريق الجامعات والمعاهد الفنية العليا. ظهر وعي أكبر مما كان عليه في المملكة المتحدة للحاجة إلى تنمية صناعة قائمة على العلم، يديرها مهندسون ذوو تدريب علمي واسع وسليم.
هل توجد حقيقةً، ثقافتان ثقافةٌ علمية وثقافةٌ لا علمية؟ |
وفي كثير من البيئات الوطنية الأخرى ما زال على الأوساط المحلية للباحثين العلميين أن يحققوا مستوى عاليا من التأثير العام. ذلك لأنه فقط عندما يصبح هناك اعتراف عام بان لعملهم تأثيرا على مجريات الشؤون العامة، وأنه يسهم بدرجة كبيرة في تلبية أكثر الاحتياجات الاستراتيجية للدولة إلحاحا. فعندئذ يكون من المرجح أن تصبح منزلتهم مناط اهتمام اﻟﻤﺠتمع.
لا تنسوا متابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي لتتوصلوا بجديد المعلومات المفيدة في كافة المجالات خصيصا لكم على موقع مجلة معلومتي ويكي، وشارك الموضوع مع أصدقائك في الفيسبوك لتعم الفائدة .. وشكراً لوفائكم وطيب متابعتكم
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقكم يعكس شخصيتكم ، دعونا نتمتع باللباقة في الكلام.