القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

7. الموظف الإيجابي - تأملات في السعادة والإيجابية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تأملات في السعادة والإيجابية

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم




7. الموظف الإيجابي


كما ذكرت في مستهل هدا الكتاب، سيكون تركيزي على الجوانب الإدارية والقيادية التي يمكننا تطويرها بالاستفادة من مفهوم الإيجابية، وبخاصة في تطوير الموظفين وبناء فرق العمل الفعالة والمنتجة، هنالك حقيقة لا بد من إدراكها جيداً بالنسبة لأي قائد، وهي أنه لا يوجد شخص غير مهم، أو فكرة غير مهمة أو وظيفة غير مهمة. كل إنسان له طاقة متفردة، عظيمة ومختلفة. كل إنسان له قيمة، له إبداع، له مهارة، كل إنسان له دور في هذه الحياة، وهذه هي النظرة الإيجابية التي لا بد أن ننظر بها لمن حولنا وما حولنا من الأفكار والأشخاص والوظائف.


تذكروا دائماً أن الإيجابية الحقيقية كما عرفناها في بداية هذا الكتاب تكمن في تغيير نظرتنا للأمور، إذا تغيرت النظرة تغيرت طريقة التعامل وتغير كثير من قراراتنا وسياساتنا، وتولدت فيمن حولنا طاقة إيجابية للعمل بشكل أفضل وأكثر إنتاجية وفاعلية، بل وأكثر من ذلك، عمت مشاعر الرضا والسعادة.


                وأيضاً نقول للموظفين إن قيمة الإنسان في ما يحسنه وما يتقنه، والوظيفة هي فرصة لإثبات الذات وتحقيق قيمة مضافة في هذه الحياة وفرصة للتعلم وفرصة لخدمة بلدك، وفرصة لإثبات قدراتك ومهاراتك وإطلاق طاقاتك إذا نظرت هذه النظرة للوظيفة فتأكد تماماً أن الإنجاز سيكون حليفك والتوفيق سيكون صاحبك، أما إذا نظرت إلى وظيفتك على أنها عبء أو أنها مكان فقط للعيش والتكسب وتمضية سنوات العمر وصولاً لتقاعد مريح فتأكد أيضاً أنك ستكون ممن يعيشون على هامش الإنجاز، وهامش النجاح وهامش الحياة، غيّر نظرتك وكن إيجابياً وضع هدفاً لحياتك وانطلق نحو تحقيق ذاتقك.


دعوني أحكي لكم قصة إحدى الموظفات عندنا في الحكومة الاتحادية هي شابة إماراتية اسمها منار الحمادي، كرمناها ضمن برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي لتميزها في عملها، نحن نبحث عن هؤلاء الأشخاص لتكريمهم. هذه الشابة مكفوفة، لم نكرمها لأنها استطاعت النجاح في بيئة العمل، بل كرمناها لأنها متفوقة في عملها ومتفوقة على أقرانها، تعمل منار محامية عن قضايا الدولة في وزارة العدل، ولم تخسر أية قضية منذ توليها، أصيبت منار بمرض أفقدها بصرها منذ أن كانت في السابعة أو الثامنة. أطرح أسئلة فقط، كيف استطاعت وهي صغيرة أن تكمل دراستها وتتفوق؟ كيف استطاعت أن تواصل دراستها الجامعية؟ أنا أعرف أن المناهج ليست جميعها مترجمة إلى لغة المكفوفين فكيف استطاعت أن تحفظ وتستوعب كل النصوص القانونية؟ كيف تكتب المذكرات القضائية في عملها؟ كيف تترافع في المحاكم؟ وكيف تتفاعل مع الخصوم؟ ومع القضايا ومع النيابة؟ عمل المحامين عمل شاق أنا أعرفه، وهو عمل دقيق وفيه تعقيدات.


كيف استطاعت منار النجاح في قضاياها كافة ولم تخسر أية قضية؟ الإجابة هي الإيجابية، وتغيير نظرتها للحياة، وتغيير نظرتها لطاقاتها وإمكاناتها، وتغيير نظرتها لطبيعة التحديات التي تواجهها.


هل تتخيلون كيف كان الوضع سيكون لو صرفت منار طاقتها في الشكوى من وضعها والتذمر من حالتها وإلقاء اللوم على الآخرين أو على القدر؟ هل تتخيلون ما كان سيحدث لو استسلمت منار الأول تحدٍ لها عندما كانت صغيرة في مدرستها؟ هل كانت ستصل لما وصلت إليه؟

                أقول لكل موظف عندما تواجهك بعض التحديات في عملك ضع نفسك مكان منار، واسأل نفسك، هل التحديات التي واجهتها منار أصعب أم التحديات التي تواجهها؟ إذا استطاعت هي أن تتغلب على التحديات الأكبر فأنت أقدر على مواجهة التحديات الأقل.


لا يوجد إنجاز من غير تعب وجهد وكفاح ولكن يحتاج منا للطاقة. فمن أين تأتي بالطاقة؟ بالتفاؤل والإيجابية والطموح والثقة بالنفس.  الطاقة الإيجابية تعطيك همة في النفس وإشراقة في الوجه، ولمعة في العين، وهي طاقة إبداع تصنع المستحيل. هذا هو الموظف الإيجابي الذي نريد؛ متفائل، واثق بقدراته، مؤمن بنفسه، لا يقف ولا يتردد ولا ينتظر غيره، بل بيادر ويكون دائماً في الصف الأول.


أتعجب من كمية الطاقة التي يصرفها البعض في إيجاد الأعذار أو لوم الآخرين أو التذمر. اصرف نصفها في وضع هدف لحياتك وقيمة لذاتقك، وانطلق نحو العمل والإنجاز. لا يوجد شخص غير مهتم، أو فكرة غير مهمة، أو وظيفة غير مهمة. كل إنسان له طاقة متفردة، عظيمة ومختلفة.

(الموظف الإيجابي متفائل واثق بقدراته، لا يقف، ولا يتردد، ولا ينتظر غيره، بل يبادر ويكون دائماً في الصف الأول).

تعليقات