القرآن الكريم باعتباره من أصول المعرفة الإسلامية
تعريف القرآن الكريم :
لغة قرآن ، مشتق من قرأ بمعنى تلا. أو من قرأ
بمعنى جمع؛ شرعا ، هو كلام الله تعالى المعجز المنزل على سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم، بلسان عربي بواسطة جبريل عليه السلام، المتعبد بقراءته والإستماع إليه،
وبتلاوته وتجويده وتدبره والعمل به، والمنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة
الفاتحة والمختوم بسورة الناس، والمجموع بين دفتي المصحف.
يعد القرآن الكريم من بين أهم أصول المعرفة
الإسلامية فهو كلام الله جل وعلى ، وهو وحي منزل عن طريق سيدنا جبريل عليه
السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
لهذا يعتبر القرآن الكريم البيان المصور
المفصل لكل ما يتعلق بالكون والإنسان والدنيا والآخرة، والمجيب في كل الإشكالات
والتساؤلات التي تواجه فكر الإنسان وعقله والمثير لكل القضايا التي تؤهل فكر
الإنسان لاكتساب السنن، فالقرآن الكريم ما نزل إلا لحسم الهوية المعرفية للإنسان.
فقد قال الله سبحانة وتعالى:
{ وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا
القرآن مهجورا [30] }.
الفرقان
الآية 30
مضمون الآية الكريمة :
شكوى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ربه من بتر قومه ملتهم بالقرآن الكريم.
وهذه الآية الكريمة مذكورة في سورة الفرقان،
لذلك دعونا نعطي تعريفا مختصرا لسورة الفرقان.
تعريف سورة الفرقان :
سورة مكية عدد آياتها 77 ترتيبها 25، موضوعها
يدور حول إثبات صدق رسالة نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وحول
عقيدة الإيمان بالبعث والجزاء، وقد سميت بالفرقان لأنها تفرق بين الحق والباطل،
ولأن الله عز وجل ذكر فيها هذا الكتاب المجيد الذي أنزله على رسوله محمد
صلى الله عليه وسلم.
يعتبر هجر القرآن خمسة أنواع، والمراد بهجر
القرآن هو تركه والإستغناء عنه، فمن أنواع هجر القرآن الكريم نجد؛
أحدها : هو هجر سماعه والإيمان به والإصغاء
إليه وقراءته.
والثاني : هجر العمل به والوقوف عند حلاله
وحرامه وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول
الدين وفروعه.
والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتحكم
به ومنه.
والخامس: هجر الإستشفاء والتداوي به بإذن
الله في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيُطلب شفاء دائه من غيره.
الإمام ابن القيم الجوزية، كتاب
الفوائد، الجزئ الأول، الصفحة 82، بتصرف.
شرح المفردات :
·
مهجورا أي متروكاومهملا.
·
تحكيمه أي تنزيله في الواقع وتطبيقه.
في هذا النص المقتطف من كتاب الفوائد لابن
القيم الجوزية، بيان مراتب هجر القرآن الكريم، تلاوة وتدبرا وانتفاعاً.
تعريف العالم الإمام ابن القيم :
هو ابن القيم الجوزية رحمه الله،
تتلمذ على يد والده رحمه الله، وعلى يد شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية رحمه الله،
كان صاحب عبادة وذكر وكان قوام الليل، سمح الخلق، عفيف النفس، وكان رحيما ودوداً،
لا يحمل في نفسه حقداً على أحد وعندما كان يكتب على الربط على أهل البدع والأهواء،
كان يرد عليه من باب النصح والمناصحة، وقد توفي ابن القيم الجوزية في دمشق ليلة
الخميس في 3 رجب سنة 75 للهجرة، وقد ترك مؤلفات كثيرة من أبرزها "حال الأرواح
إلى ملاذ الأفراح"، "مذاهب السالفين في منازل إياك نعبد وإياك
نستعين"، "زاد المعاد"، "بدائع الفوائد"، "مفتاح
دار السعادة"، "منشور ولاية أهل العلم والإرادة"، "إعلام
الموقعين عن رب العالمين".
القرآن الكريم باعتباره من أصول المعرفة الإسلامية |
مصادر المعرفة في القرآن الكريم:
1.
أولا: وحي مقروئ، والمتمثل في الوحي الإلهي في شطرين
القرآن والسنة.
2.
ثانيا : وحي منظور.
طبيعة المعرفة في القرآن الكريم:
وطبيعة المعرفة نجدها في ثلاثة أنواع؛
العلم الفطري :
وهو الضروري البديهي المركزي في فطرة الإنسان
كالعلم بوجود الله سبحانه وتعالى.
العلوم والمعارف المكتسبة :
وهي التي يكتسبها الإنسان من مختلف مصادر
المعرفة بالحس والتجربة والعقل.
علم النبوة :
العلم الرباني الواصل إلينا عن طريق الوحي.
مجالات المعرفة في القرآن الكريم متعددة ومنها :
أولا مجال عالم الشهادة :
وطريقة إدراكه الحواس التي وهبها الله
تعالى لنا.
ثانيا مجال عالم الغيب :
وطريقة إدراكه الوحي الإلهي وكل محاولة
لإقحام العقل في هذا المجال هي محاولة فاشلة وتبديد لطاقته في غير محلها.
خصائص ومميزات المعرفة :
1.
التوحيد
2.
الوحدة
3.
التكامل
4.
التعبد
5.
الإعمار
مقاصد القرآن الكريم :
من أهم مقاصد القرآن الكريم ما يلي؛ هداية العالمين
للحق والخير، قال الله تعالى: {هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، فهو
كتاب هداية ومشكاة نور للغافلين في ظلمات الجهل، للجماعة والفرد، ومرجع لاكتشاف
منهج الله في الحياة ومنهج الدعوة إليه معجزة خالدة ومتجددة منذ نزوله إلى أن يرث الله
الأرض ومن عليها.
فالقرآن الكريم ذكر مبارك يتلى ويُتقرب إلى الله
بقراءته وتدبره والعمل به، وهو شرعة ومنهاج وهو منهاج القسط والعمل والإعتقاد.
خصائص القرآن الكريم :
من خصائص كتاب الله جل وعلى أنه محكم،
أي أنه متقن غاية الإتقان في البناء والقوة في حجته وأدلته فلا تناقض في ولا
اختلاف، وله العديد من الأسماء والصفات، مثلا : القرآن نور، قال الله تعالى
{ وأنزلنا إليكم نورا مبينا }، ومعنى ذلك أنه يدرك بالبصيرة في القلب الحي،
وللخاصية النورانية قواعد سلوكية منها تقوى الله عز وجل وهي شرط لتعلمه
وتدبره وحفظه وفهمه والعمل به، قال الله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله
} الآية.
الضوابط السلوكية والمنهجية لتدبر القرآن الكريم :
·
من الضوابط السلوكية لكي ييسر الله عز وجل لنا
تدبر القرآن الكريم أن نسير في سلوكياتنا كما فعل الصحابة الكرام وهذه جملة من
الضوابط السلوكية التي ستكون على سبيل الذكر ليس الحصر ...إلخ.
·
الوضوء والطهارة، لقول الله تعالى: { لا يمسه إلا
المطهرون }
·
الدعاء وطلب الإستعانة من الله
·
الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
·
الخشوع عند التلاوة
·
المداومة على قراءته بدون انقطاع
·
تحكيم القرآن في جميع أمور الحياة واتخاذه مقياساً
للتمييز بين الحق والباطل.
·
فإذا التزم المسلم بهذه الضوابط تمكن من فهم وفقه آيات القرآن
الكريم، وظهر أثر ذلك عليه وتصلبت ثقته بربه وارتياحه عند مجالسة كتاب الله
اشتياقه لتلاوته بين كل حين.
·
وهذه بعض الضوابط المنهجية لتدبر القرآن الكريم، من
بينها.
·
القصد إلى الفهم والعمل، كما كان منهج النبي صلى الله
عليه وسلم في تعليم صحابته الكرام وكذلك فعل الصحابة.
·
ترتيل القرآن الكريم، لقوله تعالى { ورتل القرآن
ترتيلا }
·
فالقراءة المرتلة والمجودة تعين على التفكر والتأمل ولها
تأثير على القلوب.
·
التكرار والتجاوب مع القرآن الكريم بالوقف عند رأس كل
آية من آياته بالطلب والدعاء والتسبيح والتعوذ، لنيل ثمرة التدبر والعظة والإعتبار
والإستجابة لنداء الله سبحانه وتعالى.
·
المدارسة الجماعية، والحضور وملازمة مجالس المدارسة
والعلم بالمساجد والجامعات والمعاهد والجمعيات بهدف تزكية النفس والتطهير والدبر
الجماعي للقرآن الكريم، مع تجنب مجالسة أهل البدع من الجماعات والفرق، ولينظر
المسلم من عند أي شيخ يأخذ علمه فلا يصح طلب العلم من أيٍ كان، بل يجب على المسلم
تحري العلماء في مجالسهم ومعرفة من عند أي شيخ تمت تزكيتهم ودراستهم ومنهجهم
وعقيدتهم، ومجالس الذكر وتدارس القرآن الكريم من أهم المجالس خصوصا في العقيدة
والتفسير والحديث وغيرها من علوم الدين [العلوم الشرعية]، فعن ابي هريرة رضي الله
عنه قال أنه النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله
يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، حفتهم
الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده] الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه.
·
لقد تحرج أئمة السلف الصالح عن الكلام في تفسير القرآن
الكريم بما لا علم لهم به مع وجوب الكلام فيما لهم علم به، وقد اعلتقد المسلمون
صعوبه فهم القرآن وتدبره والقول فيه برأيهم، والأصح أن تدبر القرآن انطلاقا من
ضوابط وقواعد تحول دون الوقع في القول فيه بالرأي.
من الأسئلة الشائعة في هذا المنطلق نجد :
ما هي أسباب تحرج السلف عن الكلام في تفسير القرآن الكريم ؟
السبب في ذلك الآثار الواردة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وآثار الصحابة الكرام التي تذم القول في القرآن الكريم بالرأي
مع التوعد بالوعيد الشديد.
ما هو سبب عدم تدبر الناس القرآن ؟
لأنهم يعتقدون أنه يصعب فهم القرآن الكريم
وأنهم غير مؤهلين لتدبره ويخافون من القول فيه بالرأي.
ما الفرق بين التدبر والتفسير ؟
التفكر هو فهم معنى الآية ومحاولة استنباط
حكم شرعي منها، وأما التدبر فمعناه هو البحث في الهداية والشفاء ومحاولة تمثل
القرآن الكريم في سلوكنا قولا وفعلا.
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقكم يعكس شخصيتكم ، دعونا نتمتع باللباقة في الكلام.