القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

2. السعادة والإيجابية .. تأملات في السعادة والإيجابية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تأملات في السعادة والإيجابية

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم




2. السعادة والإيجابية..

هل نغرد خارج السرب؟


منذ أن بدأ خطابنا الحكومي بالتغير بشكل كبير للحديث حول مفهوم السعادة، تردني بين فترة وأخرى بعض الملاحظات وبعض التعليقات والآراء. وكان أوضحها ما قاله له أخ إعلامي من دولة عربية شقيقة بعد إجرائنا تغييرات هيكلية في الحكومة، نتج عنها تعيين وزيرة للسعادة، إذ قال: ألا تعتقد بأنكم تغردون خارج السرب؟ قلت له: نحن جزء من السرب، ونحاول أن نبني أملاً لهذا السرب.  استرسلت في الحديث معه، وقلت له: لا توجد منطقة في العالم بحاجة للسعادة والإيجابية أكثر من منطقتنا، ثمة قدر هائل من التشاؤم في المنطقة وبالمنطقة.


يمكن الإحساس بذلك في إعلامنا، وفي نشرات أخبارنا، وفي مقالات كتابنا، وفي آراء المثقفين عندنا، وتراه أوضح ما يكون في وسائل التواصل الاجتماعي. هذا التشاؤم أكده تقرير مررت عليه قبل فترة وطلبت تحليله..  إنه تقرير السعادة العالمي 2015، الذي أورد دراسة حول التشاؤم والاكتئاب بين الشباب والمراهقين عالمياً، حيث قسم التقرير الشباب جغرافياً. برأيكم ما هي المنطقة الأعلى عالمياً في معدل اكتئاب الشباب وتشاؤمهم؟ نعم إنها منطقتنا، لا ألوم أحداً، فالمنطقة فيها من الأخبار السلبية والتوترات ما يفوق عدداً كبيراً من مناطق العالم، ولكن ما يؤلم حقاً هو أنه إذا سيطر التشاؤم على المراهقين والشباب فما هو المستقبل الذي ينتظر هذه المنطقة؟

لذلك لدي إيمان كبير بأهمية بناء التفاؤل والإيجابية ونشر مفاهيم السعادة، وركزت في هذا الكتاب بشكل كبير على مفهوم الإيجابية وأثره في تغيير نظرتنا للحياة والإنجاز والعمل وحتى نظرتنا للعمل الحكومي، نظرتنا للفرص من حولنا ونظرتنا للمستقبل الذي ينتظرنا.



علاقة الإيجابية بالسعادة هي علاقة المقدمة بالنتيجة، ولذلك أركز عليها كثيراً في هذا الكتاب. الإيجابية هي طريقة تفكير والسعادة هي أسلوب حياة. بمعنى آخر، ليس ما تملكه أو ما تفعله هو ما يجعلك سعيداً، بل كيفية تفكيرك بكل ذلك.


                أعود للإعلامي الذي ذكرته قبل قليل وحواري معه، والذي أحب أن يأخذ سبقاً صحفياً، فسألني كم تنوون أن ترصدوا مخصصات مالية لبرامج السعادة في دولة الإمارات؟ قلت له السعادة ليست برامج منفصلة عن عمل الحكومة اليومي، السعادة هي برنامج الحكومة الرئيسي، وميزانية الحكومة كلها من أجل تحقيق سعادة الناس.


السعادة نوعان، شخصية -ولها أدواتها وعلمها- وسعادة مجتمعية وهي ما نسعى إليه في عملنا الحكومي، لدينا دراسات عالمية في الحكومة حول السعادة المجتمعية، وكيفية تحقيقها، هي في الشعور بالأمن والأمان في محيطكك ومجتمعك الذي تعيش فيه، وهي في وجود السكن الملائم الكريم، وهي أيضاً في توفر العلاج وقت المرض، والفرص وقت الحاجة، والتعليم للاستعداد للمستقبل، والبنية التحتية والمرافق التي توفر أسلوب حياة مريحة للناس، وهي أيضاً في موازنة الناس بين أعمالهم وبين أسرهم، كل ذلك جزء من السعادة المجتمعية، وهو أمر يمكن أن يكون للحكومة فيه دور كبير.


ختمت لقائي مع الصحفي بقولي إننا نعمل حالياً على دراسات حول الوفر المالي الذي ستحققه السعادة لنا، وللإجابة عن سؤاله حول كيفية ذلك، قلت له: هل تعلم تأثير السعادة في الصحة، والوفر الذي يمكن أن تحققه الحكومات عندما يكون المجتمع صحياً، وتأثيرها في إنتاجية الموظفين، وتأثير هذه الإنتاجية في الناتج الاقتصادي ومدى استفادة المجتمع من ذلك؟ هل تعرف تأثير التفاؤل في الاقتصاد ونموه وثقة الناس بالمستقبل؟ هي تأثيرات تقدر بالمليارات، السعادة يا صديقي ليست كلفة بل ثروة للشعوب.



(الإيجابية هي طريقة تفكير والسعادة هي أسلوب حياة. ليس ما تملكه أو ما تفعله هو ما يجعلك سعيداً، بل كيفية تفكيرك بكل ذلك).

تعليقات