القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

4. الإيجابية.. في نظري .. تأملات في السعادة والإيجابية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تأملات في السعادة والإيجابية

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم





4. الإيجابية.. في نظري


ما هي الإيجابية؟ وكيف يمكن أن نعرفها ببساطة؟ وكيف يمكن أن نطبقها في حياتنا العملية والإدارية؟ إن تركيزي في هذا الكتاب سيكون على الاستفادة من هذا المفهوم في القيادة والإدارة واتخاذ القرارات من واقع تجربتي الشخصية.

قرأت عن مفهوم الإيجابية في العديد من الكتب، وسمعت الكثير من التعريفات، وعبر سنوات عملي التقيت أيضاً بعض المختصين. والخلاصة أن كل متخصص يعرف الإيجابية بحسب الزاوية التي يتناول بها الموضوع، ما إذا كانت نفسية أو اجتماعية أو فكرية أو غيرها، أي أن العلماء اختلفوا، كما يقال.

ولكني منذ سنوات طويلة طبقت تعريفاً مبسطاً للإيجابية من واقع عملي وخبرتي، وأحسست أنه يمكن أن يكون الأقرب للتطبيقات الإدارية والقيادية.

الإيجابية باختصار تتعلق بنظرة الإنسان للأمور، هي النظارات التي يضعها الإنسان فوق عينيه عندما يشاهد العالم، أو يشاهد التحديات، أو يشاهد المستقبل، أو يشاهد الناس من حوله، أو يشاهد الحياة بشكل عام، فإذا كانت النظارات سوداء، رأيت التحديات صعبة، والمستقبل مظلماً، ورأيت الناس من حولك بعين الشك، ورأيت العالم مليئاً بالكوارث والمصائب والشر. أما إذا كانت نظرتك إيجابية رأيت في التحديات فرصاً وفي المستقبل نجاحاً وفي الناس طاقات وإمكانات ومواهب وخيراً، ورأيت العالم مليئاً بالإنجاز والسعادة وسريعاً في التقدم والتطور.

هذه النظرة الإيجابية تعطينا طاقة كبيرة للعمل والإنجاز والنشاط والثقة بالنفس والحماسة للعمل، وتوقد سعادة داخلية. ويمكن أن نسمي هذه الطاقة "الطاقة الإيجابية".

                دعوني أوضح لكم معنى الإيجابية من خلال مثال استعنت به في إحدى الجلسات مع بعض الأصدقاء. كنا نجلس في الصحراء وقد بدأ الجو يزداد حرارة، أشرت نحو الصحراء وسألتهم، ما ترون؟ تعجبوا من السؤال، وبدأ بعضهم في طرح إجابات: صحراء قاحلة لا ماء ولا كلأ، رمال تعلوها رمال، كثبان تدفع كثباناً، وأفضل إجابة كانت، هي أرض الآباء والأجداد وتراب الوطن الذي نحبه ونحميه، ثم سألوني كيف أراها أنا، فقلت لهم: لي فيها نظرتان؛ نظرة شاعر ونظرة قائد. كشاعر فهي مصدر للإلهام، ومكان للتأمل، وساحة للفكر والتفكر، وكمسؤول حكومي وقائد -وهذا هو بيت القصيد- فإنني أراها ثروة وطنية عظيمة، أراها مصدراً من مصادر الدخل للدولة والحكومة، من موقعي في الحكومة ، أراها ركناً أساسياً في اقتصادنا الوطني.

                لو نظرنا لها على أنها صحراء قاحلة ورمال وكثبان خالية قبل عقدين، لما استطعنا جذب أكثر من 14 مليون سائح لبلادنا سنوياً. هذه الصحراء التي ترونها هي أحد المصادر الأساسية التي استخدمناها لجذب السياحة، وتعزيز الاقتصاد وخلق الفرص.

الصحراء لم تكن عقبة ومشكلة أو وتحدياً ينبغي التغلب عليه في نظرنا، بل كانت فرصة لخلق قطاع جديد في اقتصاد الدولة.


اليوم الكثير من المنشآت السياحية تبنى في وسط الصحراء ومئات الشركات تعمل في قطاع السياحة الصحراوية، والآلاف المواطنين يخيمون في الصحراء وملايين السياح من أنحاء العالم يريدون زيارة صحراء دبي وتجربة الحياة البدوية وركوب الجمال وغيرها، وقس على هذا المثال أمثلة أخرى كثيرة. زارني مرة مجموعة من موظفي الحكومة في مجلسي، فعرف بهم مسؤولهم بأنهم موظفون من إحدى الجهات الحكومية، وبعد أن جلسوا وارتاحوا قلت لهم: أنتم لستم موظفين أنتم قادة، أنتم من نتحرك من خلالكم ونفكر بعقولكم ونعمل بأيديكم. أنتم مصدر الأفكار الجديدة التي نحتاج إليها كل يوم للاستمرار في التقدم ومنافسة العالم من حولنا.
عندما نطبق تعريف الإيجابية بهذه الطريقة في الإدارة والقيادة واتخاذ القرارات، تتوالد الإبداعات، وتنطلق الإمكانات والقدرات، وتتحقق المعجزات.


الإيجابية مهمة جداً لكل قائد ومسؤول، صغيراً كان أو كبيراً، ومهمة أيضاً للأمم والشعوب والأوطان، ومهمة في خلق الفرص والبيئة الملهمة المحفزة للأجيال القادمة، والإيجابية ترتبط بالسعادة ارتباط المقدمة بالنتيجة.


مشاعرنا مرتبطة بأفكارنا.. وأفكارنا هي ما يدفعنا لتحقيق السعادة في حياتنا، ولا سعادة بدون مشاعر إيجابية، لذلك جاء هذا الكتاب.


(كل شخص لديه طاقة وكل فكرة لديها إمكانية للنجاح في زمانها ومكانها).

(الصحراء لم تكن عقبة أو مشكلة وتحدياً ينبغي التغلب عليه في نظرنا، بل كانت فرصة لخلق قطاع جديد في اقتصاد الدولة).

(الإيجابية النظارات التي يضعها الإنسان فوق عينيه عندما يشاهد العالم).

(إذا كانت نظرتك إيجابية رأيت في التحديات فرصاً، وفي المستقبل نجاحاً. وفي الناس طاقات ومواهب).  

(الإيجابية تعطيك منظوراً مختلفاً للأمور من حولك دائماً في كل تحدّ هنالك فرصة، وفي كل شيء حولك ثمة فائدة وعند كل إنسان موهبة، وكل شخص لديه طاقة، وكل فكرة لديها إمكانية للنجاح في زمانها ومكانها).

تعليقات