القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

5. إيجابيون منذ البداية تأملات في السعادة والإيجابية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تأملات في السعادة والإيجابية

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم





5. إيجابيون منذ البداية


هنالك حقيقة لا بد من ذكرها وتذكرها دائماً، وهي أن تجربة دولة الإمارات قامت منذ بداياتها على عدة مبادئ إدارية وقيادية وإنسانية، من أهمها التفاؤل بالمستقبل، وتوقع الأفضل، والثقة بالقدرات، والإيمان بالإمكانيات والتوكل دائماً على رب السماوات وهذه كلها يجمعها مفهوم الإيجابية وتساعد على خلق السعادة، شخصياً، ترسخ لدي هذا المفهوم مما رأيته وسمعته وعشته مع الآباء المؤسسين الشيخ زايد والشيخ راشد، طيب الله ثراهما.


من يصدق أن رجلين في خيمة في الصحراء عام 1968 كان لديهما هدف بناء دولة متقدمة عالمية ومتطورة؟ من يتخيل أن رجلين كان لديهما التفاؤل والثقة الكافيان للنجاح في تحويل إمارات متصالحة يسودها النظام القبلي ويتنازعها العوز وقلة العلم إلى دولة مؤسسات وأنظمة وسلطات وقوات نظامية وتعليم نظامي وجامعات وكل ذلك فقط خلال سنوات، بل أكثر من ذلك، لم يكن طموحهما بناء دولة المؤسسات فحسب، بل كانا يريدان مدنهما أن تكون كمدن العالم الكبيرة التي زاراها مرات قليلة، أليس كل ذلك تفاؤلاً وإيجابية؟
تخيلوا لو أن زايد وراشد كانا قائدين سلبيين أين ستكون دولة الإمارات اليوم؟ تخيلوا لو أنهما جلسا يعددانن المشكلات والعقبات وضعف الإمكانات، ويلتمسان العذر في قلة الإنجاز.


تخيلوا لو أن زايد وراشد كانت نظرتهما محدودة وطموحاتهما شخصية؟ تخيلوا فقط لو أن يومهما كان يبدأ من العاشرة صباحاً وليس من السادسة فجراً؟ بل أكثر من ذلك، تخيلوا لو أن زايد وراشد كانا يستسلمان لرأي الخبراء والمتخصصين الذين تعجز عقولهم من استيعاب طموحاتهما الكبيرة. ولعلي هنا أضرب مثالين على ذلك.

                في بداية الثمانينات، أتى الشيخ زايد رحمه الله، بمجموعة من الخبراء، كانت لديه رغبة في تخضير وزراعة أبو ظبي وبعض الجزر التابعة لها. كانت لديه، رحمه الله، صورة نهائية في ذهنه لشوارع الإمارة وأشجارها، يريد ترجمتها على أرض الواقع. قال له الخبراء: هذا مستحيلا بسبب التربة الملحية، وشح المياه، والظروف المناخية الصعبة، وغيرها من العقبات التي كانت لتبدو منطقية أمام أي قائد محدود الطموح ضعيف الهمة والعزيمة، ولكنها لم تكن منطقية لزايد، رحمه الله، لأنه لم يكن من الذين ينتمون بالحدود التي يضعها له الآخرون وهذه إحدى صفات القائد الإيجابي.

التحديات والعقبات ليست نقطة النهاية بل فرصة لإبداع حلول جديدة.
أبدع الشيخ زايد حلولاً أخرى، وأصلح التربة، وساق المياه من أماكن بعيدة وزرعت أبو ظبي بغابات وأشجار كثيرة حتى جزيرة صير بني ياس جعلها جنة. وتم اختيار زايد رجل البيئة على مستوى العالم في تلك السنوات.


كل صاحب حلم بدون إيجابية وثقة وتفاؤل هو من أصحاب التمنيات الفارغة والأوهام الضائعة، لأنه سيقف عند أول عقبة، ونحن لا نقف، نحن نبدع هكذا تعلمنا وتربينا، هكذا عشنا وأسرنا حياتنا وبلادنا.
يحضرني أيضاً موقف آخر للشيخ راشد رحمه الله، في أواسط الخمسينات.  لم يكن الشيخ زايد من الذين يقتنعون بالحدود التي يضعها له الآخرون، وهذه إحدى صفات القائد الإيجابي.


                أراد الشيخ راشد توسعة خور دبي، لأنه كان يريد استقبال سفن أكبر في مواطنه، وكان يريد استقطاب شركات أكبر للعمل في التجارة في بلده، وكان يريد نشاطاً ملاحياً يرسخ دبي مركزاً إقليمياً للتجار. جاء الشيخ راشد بالخبراء لإجراء دراسة لتوسعة الخور، وجاءت نتائج الدراسة باستحالة التوسعة نظراً للتكلفة العالية التي بلغت 600 ألف جنيه استرليني في ذلك الوقت، أي أضعاف دخل دبي بكاملها، هل وقف الشيخ راشد عند نتائج الدراسة وآراء الخبراء؟ هل صرف النظر عن هذا المشروع الحيوي لمستقبل دبي لمجرد هذا الرأي؟ هنا يأتي تأثير  الإيجابية في شخصية القائد، تأثير الإيجابية في اتخاذ قرارات مصيرية.


لم يقف الشيخ راشد عند هذا التحدي، بل ابتكر حلولاً جديدة، فأصدر سندات الخور. كما موّل جزءاً آخر بطريقة مختلفة، حيث قام باستخدام الصخور والرمال المرفوعة من الخور في إضافة أراضٍ جديدة على ضفة الخور للاستفادة منها


                وهكذا، قبل أن تمر سنتان، تم إنجاز المشروع وتضاعفت حركة التجارة وتغيرت الحياة في دبي للأفضل.
القائد الإيجابي لا يتوقف والإيجابية ليست جديدة علينا في دولة الإمارات. الإيجابية هي صفة نتوارثها لأنها ساعدتنا على بناء دولتنا وبناء اقتصادنا وبناء تجربة عالمية ناجحة في جميع المجالات، ونريدها اليوم جزءاً رئيسياً من بناء الإنسان وبناء شخصية أبناء هذا الوطن وأجياله القادمة.



(التحديات والعقبات ليست نقطة النهاية بل فرصة لإبداع حلول جديدة).

(المصلحة شعب كامل، ومستقبل أبنائه).

(القائد الإيجابي يمكن أن يغير مجرى تاريخ دولته للأفضل إذا تحلى بالثقة الكافية، والإبداع اللازم لتخطي العقبات).

(القائد الإيجابي يمكن أن يغير مجرى تاريخ دولته للأفضل إذا تحلى بالثقة الكافية والإبداع اللازم لتخطي العقبات). 

تعليقات