تعريف غريب الحديث
غريب الحديث مركب إضافي ، وكل
مركب إضافي نجد ان للعلماء طريقتين في تعريفه
الأول : تعريف المضاف اعني كلمة غريب ،وتعريف المضاف اليه اعني كلمة
الحديث
الثانية : تعريفه باعتباره لقبا وعلما على علم مستقل.
وسأذكر تعريفه بالاعتبارين :
1.
تعريف الغريب : (غريب
جمعه غرباء غرب عن وطنه غرابة وغربة ابتعد عنه وغرب الكلام غرابة غمض وخفي). ([1])
وقد وردت هذه اللفظة غير مرة في احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
انها قد وردت في اشعار العرب ، كقوله صلى الله عليه وسلم ( ان الإسلام بدا غريبا
وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ،قيل ومن الغرباء، قال النزاع عن القبائل ).([3])
وقال الشاعر :
اذا مضى القرن الذي انت فيهم وخلفت في قرن فانت غريب
وتقول العامة " المؤمن في
الدنيا كالغريب ، لا يناقش في عزها لا يجزع من ذلها
وقد استعمل كثير من العلماء هذا اللفظ من اللغويين والبيانيين والبلاغيين
وعلماء الحديث
فاستعمال لفظة الغريب عند اللغويين
تتمثل في الخليل في مقدمة كتاب العين
قال: بدأنا في مؤلفنا هذا بالعين وهو اقصى الحروف ونضم اليه ما بعده حتى
نستوعب كلام العرب الواضح والغريب .) ([4])
وقال الازهري في مقدمة التهذيب : نزل القرءان والمخاطبون به قوم عرب اولو
بيان فاضل ،وفهم بارع، انزله جل ذكره بلسانهم ،وصيغة كلامهم الذين نشئوا عليه ،وجبلوا
على النطق به ، فتدربوا به ، يعرفون وجوه خطابه ،ويفهمون فنون نظامه ،ولا يحتاجون
الى تعلم مشكله وغريب الفاظه حاجة المولدين النشاءين )([5]).
والغريب عند النقاد والبيانين:
قال الجاحظ " بدا فساد
الملكة اللغوية يدب مع توسع في الفتوحات
ودخول غير العرب في الإسلام ، فنشطت لمواجهة هذا الفساد حركة تنقية اللغة
التي حمل لواءها رجال من أمثال ابى عمرو بن العلاء والخليل والاصمعي وابي زيد
وابي عبيدة وغيرهم )([6])
الغريب عند علماء المعاني
علماء المعاني هم العلماء الذين
يعنون بمعاني القرءان الكريم ،والحديث الشريف، واشعار العرب . قال السيوطي وحيث رأيت في كتب
التفسير قال اهل المعاني فالمراد به مصنفو الكتب في معاني القرءان كالزجاج والفراء
والاخفش وابن الانباري.
فالغريب عند علماء المعاني هو
ما كانت دلالته غامضة بالنسبة الى العرب الاقحاح ولا يكون كذلك الا اذا كان اللفظ
ينتمي الى لهجة من اللهجات المغمورة غير الشائعة ، وفي هذا مراعاة للبعد المكاني
او الجغرافي لظاهرة الغرابة ، اما الغريب الذي يكون غير ظاهر المعنى لدينا فالمراد
به : تلك الالفاظ التي كانت قديما مستعملة ومفهومة ، ولكنها وبعل التطور اللغوي لم
تعد مستعملة وفي هذا مراعاة للبعد الزمني
3. تعريف الحديث لغة واصطلاحا:
يطلق على الحديث عدة
معاني واصطلاحات منها السنة والخبر والاثر
فالحديث لغة : هو الجديد من الأشياء قال فيروزابا.دي في
القاموس " الحديث هو الجديد ويطلق على الخبر وجمعه احاديث" والحديث هو
الخبر يأتي على القليل والكثير والجمع احاديث )([7]).
فالحديث هو الكلام
الذي يتحدث به وينقل بالصوت والكتابة .
والخبر هو النبأ قال
تعالى (عم يتساءلون عن النبأ العظيم )([8])
قال ابن كثير أي عن أي شيء يتساءلون من امر القيامة ، وهو النبأ العظيم يعني الخبر
الهائل المفظع الباهر)([9]) .
والاثر هو بقية
الشيء وهو الخبر والجمع اثار يقال أثرت الحديث أثرا أي نقلته
.
ومن هنا فان الحديث
يترادف معناه مع الخبر والاثر من حيث اللغة .
واصطلاحا :
فالسنة النبوية او
الحديث النبوي فمعناها يختلف بين اهل العلم فللمحدثين تعريفهم وللفقهاء وغيرهم تعريفهم الخاص .
فالسنة أولا في
اللغة السيرة و الطريقة قال ابن منظور
" السنة السيرة حسنة كانت او قبيحة )
وللسنة استعمالات في
القرءان الكريم بمعنى الطريقة قال الراغب الاصفهاني " وسنة النبي التي كان
يتحراها وسنة الله تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته. نحو قوله تعالى ( سنة
الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) ([10])
تعريف المحدثين
للسنة :( ما أضيف الى النبي صلى عليه وسلم من قول او فعل
او تقرير او صفة خلقية او خلقية ) .
أما تعريف الفقهاء
للسنة قولهم :( هي كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم
يكن باب الفرض والواجب) ([11])
وعلى هذا فان الحديث هو ما ينسب الى رسول الله
من قول او فعل او تقرير او وصف . والخبر والاثر لفظان اخران يستعملان بمعنى الحديث
والله اعلم
تعريف غريب الحديث باعتباره لفظا لقبا
عرفه النووي رحمه الله بقوله " هو ما وقع في
متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها ([12])"
وعرفه
الامام السخاوي بقوله " بانه ما يخفى معناه من المتون لقلة استعمالها ودورانه
بحيث يبعد فهمه ولا يظهر الا بالتنقير عنه من كتب اللغة وهو من مهمات الفن لتوقف
التلفظ ببعض الالفاظ فضلا عن فهمها عليه ([13])"
وعرفه ابن الصلاح بقوله " هو عبارة عما وقع
فيمتون الاحاديث من الفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها([14])
"
ووصفه الزمخشري بقوله " كشف ما غرب من الفاظه
واستبهم وبيان ما اعتاص من اغراضه واستعجم )([15])
اذن فالمراد بغريب الحديث هو ما وقع في متن الحديث
من لفظة غامضة التي تحتاج الى شرح وايضاح
المطلب الثاني : موضوعه
حين
يتباعد الناس عن عصور الفصاحة وتتوالى
القرون تلو القرون تسحتكم العجمة على الالسنة ويتحتم حينها بيان الغريب من الفاظ الكتاب والسنة التي لم يألف المتأخرون استعمالها رغم انها
كانت مستعملة في المتقدمة لذلك ظهر ما يسمى ب علم غريب الحديث كفرع من فروع الحديث
المختصة بعلم الدراية ، وهو علم يبحث في بيان معاني الكلمات التي تحتاج الى مزيد
من البيان والتوضيح والتفسير من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاسيما بعد ان تطرق الفساد واللحن في اللسان
العربي فاستغلق عليه فهم كثير من الفاظ الحديث .
وتعتبر معرفة غريب الفاظ الحديث من المهمات المتعلقة بفهم الحديث
والعلم والعمل به ،لا بمعرفة صناعة الاسناد وما يتعلق به .
المصادر والمراجع
إليكم روابط صفحات هذه السلسلة :
- صفحة الفهرس للسلسلة فيها كل الروابط مرتبة
- إهداء وشكر وتقدير للبحوث العلمية الجامعية
- مقدمة بحث جامعي غريب الحديث نموذج كتاب القاضي عياض مشارق الأنواع على صحاح الآثار
- ما هو علم غريب الحديث وعلاقته باللغة العبربية مقدمة بحث جامعي
- تعرف على مبادئ العلم العشرة قبل طلبه - مبادئ العلم ما يلزم معرفته أولاً
- تعريف علم غريب الحديث و موضوعه وتعريف الحديث والسنة لغة واصطلاحا
- استمداد علم غريب الحديث ونسبته بحث شامل
- ما أهمية علم غريب الحديث والأثر ؟ بحث شامل
- من هو واضع علم غريب الحديث والأثر ؟ وأهم المؤلفات فيه
- ترجمة القاضي عياض ولادته رحلاته شيوخه تلاميده مذهبه مؤلفاته
- تعريف كتاب (مشارق الانوار على صحاح الاثار) سبب التأليف مكانته العلمية
- منهج القاضي عياض في تحرير وشرح غريب الألفاظ في كتابه مشارق الأنوار على صحاح الآثار
- قائمة 47 مصدر ومرجع لإعداد بحث في غريب الحديث والآثار للإجازة أو الماستر أو الدكتوراه
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقكم يعكس شخصيتكم ، دعونا نتمتع باللباقة في الكلام.