القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار عاجلة

24. وزراء للتسامح والسعادة والمستقبل، لماذا؟ - تأملات في السعادة والإيجابية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تأملات في السعادة والإيجابية

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم







24. وزراء للتسامح والسعادة والمستقبل، لماذا؟


كثير من الأسئلة والتعليقات والمكالمات تلقيتها حول التغيير الهيكلي الحكومي الأكبر الذي أجريناه في دولة الإمارات والذي تم على أثره تعيين وزراء السعادة والتسامح والمستقبل ووزيرة الشباب بعمر ال22. البعض تناول التغييرات بالإعجاب وهم كثيرون، وآخرون بالاستغراب، وفريق ثالث قارن التغييرات ببناء أطول برج وأكبر جزيرة وكان التغييرات جزء من حملة دعاية تقوم بها دولة الإمارات.


ولعلي أوجه خطابي اليوم للفريقين الأخيرين، لأشرح لهما بشكل مختصر لماذا غيرنا؟
نحن غيّرنا لأننا تعلمنا الكثير خلال السنوات الخمس الأخيرة، تعلمنا من أحداث المنطقة حولنا، وتعلمنا من دروس التاريخ وتعلمنا أيضاً من جهود كثيرة بدأناها لاستشراف المستقبل.


علمتنا منطقتنا، وعبر أحداث رهيبة مرت بها في السنوات الأخيرة بأن عدم الاستجابة لتطلعات الشباب الذين يمتلكون أكثر من نصف مجتمعاتنا العربية فءهو سباحة عكس التيار، وبداية النهاية للتنمية والاستقرار.
علمتنا منطقتنا بأن الحكومات التي أدارت ظهرها للشياب، وسدت الأبواب أمامهم إنما سدت أبواب الأمل لشعوب كاملة. نحن لا ننسى أن بداية التوترات في المنطقة وما يسمى للأسف الربيع العربي، إنما كانت لأسباب تتعلق بتوفير فرص للشباب وبيئة يستطيعون من خلالها تحقيق أحلامهم وطموحاتهم.


نحن دولة شابة ونفخر بذلك ونفخر أيضاً بشبابنا ونستثمرر فيهم، ونمكن لهم في وطنهم. وعينا وزيرة شابة من عمرهم، وأنشأنا مجلساً خاصاً لهم، ونؤمن بأنهم أسرع منا في التعلم والتطور والمعرفة لامتلاكهم أدوات لم نمتلكها عندما كنا في أعمارهم ونعتقد جازمين بأنهم هم الذين سيصلون بدولتنا لمراحل جديدة من النمو والتطور.


علمتنا السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط "الجديد" بأننا نحتاج أن نتعلم التسامح ونعلمه ونمارسه، أن نرضعه لأطفالنا فكراً وقيماً وتعليماً وسلوكاً، أن نضع له قوانين وسياسات ومنظومة كاملة من البرامج والمبادرات. نعم، تعلمنا ذلك من مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين والمنكوبين الذين رأيناهم في آخر خمس سنوات في هذه المنطقة بسبب التعصب والكراهية وعدم التسامح الطائفي والفكري والثقافي والديني.
لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها أو يكون مواطناً فيها، لذلك عيّنا وزيراً للتسامح.


عندما كانت المنطقة في أزهى عصورها متسامحة مع الآخر ومتقبلة للآخر، سادت وقادت العالم، من بغداد إلى دمشق فالأندلس وغيرها. كنا منارات التعلم والمعرفة والحضارة لأننا كنا نستند إلى قيم حقيقية تحكم علاقاتنا مع جميع الحضارات والثقافات والأديان من حولنا حتى عندما خرج أجدادنا من الأندلس خرج معهم اليهود ليعيشوا بينهم لأنهم يعرفون تسامحنا.


نعم، تعلمنا من التاريخ أهمية التسامح، ولكن جاءت الأحداث الأخيرة في منطقتنا لتؤكد لنا أنه لا مستقبل لهذه المنطقة بدون إعادة إعمار فكري ترسخ قيم التسامح والتعددية والقبول بالآخر فكرياً وثقافياً وطائفياً ودينياً.
التسامح ليس فقط كلمة نتغنى بها، بل لا بد أن تكون لها مؤشرات ودراسات وسياسات، وترسيخ سلوكي في مجتمعنا لنصون مستقبله ونحافظ على مكتسبات حاضره.


نحن دولة تتعلم كل يوم ومع كل درس نتعلمه لا بد أن نأخذ قرارات نطور بها مستقبلنا، وبالحديث عن المستقبل ولماذا غيرنا اسم إحدى الوزارات لتكون أيضاً وزارة المستقبل، أقول لأننا نتعلم أيضاً من المستقبل وليس فقط من التاريخ.

بذلنا جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة لاستشراف المستقبل، ولدينا خطط كبيرة وسياسات وطنية علمية وتقنية تتجاوز قيمتها ال300 مليار درهم استعداداً لاقتصاد المستقبل، اقتصاد لا يجعل أجيالنا رهينة لتقلبات أسواق النفط ومضارباتها وعرضها وطلبها.


لا بد لحكوماتنا أن تفكر بما بعد اقتصاد النفط من اليوم، لا بد من إعادة النظر في المنظومة التشريعية والإدارية والاقتصادية بشكل كامل للابتعاد عن الاقتصادات المعتمدة على النفط لا بد من وضع بنية تحتية تنظيمية ومادية قوية لبناء اقتصادات مستدامة لأبنائنا ولأبناء أبنائنا

نعم نحن مغرمون بالمستقبل وبما يحمله المستقبل، يحمل تغييرات عظيمة في الصحة وطرق التعليم وفي إدارة مدن المستقبل وفي الخدمات الذكية وفي التنقل المستقبلي وفي الطاقة المتجددة وفي الفضاء، ونحن وضعنا رهاننا في موجة التغييرات القادمة، واستثمرنا في أبنائنا، وتجربتنا مفتوحة للجميع للاستفادة منها.



لا أكتب ذلك تفاخراً أو إعجاباً بأية إنجازات، بل أكتبه لأرسل رسالة للمنطقة من حولنا بأنه بيدنا لا بيد غيرنا يأتي التغيير، منطقتنا ليست بحاجة لقوى عظمى خارجية لإيقاف انحدارها، بل لقوى عظمى  داخلية تستطيع التغلب على موجة الكراهية والتعصب التي تضرب نواحي الحياة في الكثير من دول المنطقة.



أكتبه لأرسل رسالة بأنه لا بد للحكومات بأن تراجع دورها، دور الحكومات هو خلق البيئة التي يستطيع الناس من خلالها إطلاق إمكاناتهم وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم وقواتهم. ووظيفة الحكومات خلق البيئة التي يستطيع الناس أن يحققوا فيها سعادتهم. نعم وظيفة الحكومات هي تحقيق السعادة.
هذه هي الأسباب التي دفعتنا لإجراء ذلك التغيير الحكومي، وسنستمر في التغيير متى تعلمنا دروساً جديدة، لأن هدفنا هو خير الناس ومنفعتهم. هذا هو الثابت علينا وما سواه متغير.



(التسامح ليس فقط كلمة نتغنى بها، بل لا بد أن تكون لها مؤشرات ودراسات وسياسات. وترسيخ سلوكي في مجتمعنا لنصون مستقبله ونحافظ على مكتسباته حاضرة).

(وظيفة الحكومات خلق البيئة التي يستطيع الناس أن يحققوا فيها سعادتهم، نعم وظيفة الحكومات هي تحقيق السعادة).
----------
تم بحمد الله.


 كانت هذه خاتمة كتاب تأملات في السعادة والإيجابية للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. من افضل اقوال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم :
    علمتنا السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط "الجديد" بأننا نحتاج أن نتعلم التسامح ونعلمه ونمارسه

    ردحذف
  2. مشكورون على هذا العمل

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقكم يعكس شخصيتكم ، دعونا نتمتع باللباقة في الكلام.